الراي نيوز -  تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين على الطريقين الرئيسيين المؤديين إلى شمال قطاع غزة الاثنين، حاملين مشاعر متباينة من الفرح بالعودة إلى ديارهم بعد العيش في ملاجئ مؤقتة لأشهر والخوف من رؤية ما تبقى لهم من أنقاض بعد قصف ديارهم.

وجاءت عودة السكان، التي تأجلت في مطلع الأسبوع، بعد موافقة حركة حماس على تسليم المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود هذا الأسبوع، وبدأت القوات الإسرائيلية الانسحاب من ممر رئيسي عبر القطاع بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي أوقف حربا استمرت 15 شهرا.

وفي إسرائيل، لا تزال عائلات المحتجزين تنتظر بفارغ الصبر الحصول على أخبار عن مصير أحبائها.

وتدفق الناس نحو الشمال سيرا على الأقدام على طريق يمتد بمحاذاة البحر المتوسط، وبعضهم يحمل أطفالا رضع أو حزم الأمتعة على الأكتاف.

وقالت أم محمد علي التي كانت تسير ضمن حشد كبير يمتد على مسافة كيلومترات عدة ويتحرك ببطء على الطريق الساحلي "كأني ولدت من جديد وانتصرنا من جديد".

وقال شهود إن أول مجموعة من السكان وصلت إلى مدينة غزة في الصباح الباكر بعد فتح أول نقطة عبور في وسط قطاع غزة في الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت غرينتش).

وفتحت نقطة عبور أخرى بعد ذلك بقرابة 3 ساعات تقريبا لدخول المركبات.

وقال أسامة (50 عاما)، وهو موظف حكومي وأب لخمسة أطفال، عندما وصل إلى مدينة غزة "قلبي بيدق لأني كنت بأتخيل إني ولا ممكن أرجع تاني".

وأضاف "إذا نجح وقف إطلاق النار ولا ما نجح مش ممكن أبدا نترك مدينة غزة والشمال بعد هيك. حتى لو إسرائيل بتبعت ضد كل مواطن منا دبابة ما راح يكون في تهجير مرة تانية".

ودوت صيحات الفرح من آلاف الأسر النازحة في الملاجئ ومخيمات النازحين، ومنها أسر نزحت مرات عدة خلال الحرب التي امتدت 15 شهرا.

وقالت غادة وهي أم لخمسة أطفال "ما في نوم... أنا جهزت كل الأغراض مشان (لكي) أرجع مع أول ضوء نهار".

وأضافت لرويترز عبر تطبيق للتراسل "على الأقل إحنا راجعين لبيوتنا، هلقيت (الآن) بقدر أقول الحرب خلصت واتمنى أنه الهدوء يستمر".

ووسط الحشود سار أطفال يرتدون سترات للتدفئة ويحملون الحقائب على ظهورهم بينما كان رجال يدفعون كبار السن أمامهم على الكراسي المتحركة. وحرصت أسر على التقاط الصور الذاتية (سيلفي) بينما كان مسؤولون عينتهم حماس يرتدون سترات حمراء يوجهونهم على الطريق الساحلي.

وفي إشارة إلى هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار، قال مسؤولون في مستشفى فلسطيني إن سائق جرافة استشهد بصاروخ إسرائيلي على الطريق الساحلي غربي مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان إنه نفذ عملية "دقيقة" ضد مشتبه بهم شكلوا تهديدا للقوات العاملة في قطاع غزة.

وأضاف "علاوة على ذلك، في وسط غزة، أطلقت طائرة تابعة للجيش الإسرائيلي النار لإبعاد عدد من المركبات المثيرة للريبة التي كانت تتحرك شمالا في منطقة غير مصرح بالمرور فيها بموجب الاتفاق، ودون تفتيش، في انتهاك لبنود الاتفاق".

دمار

نزح قرابة 650 ألف فلسطيني من شمال غزة خلال الحرب التي اندلعت في أعقاب عملية السابع من تشرين الأول 2023، وتفيد بيانات وزارة الصحة في غزة، بأن الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ ذلك الحين أدى إلى استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني.

وفي وقت لاحق من الاثنين، قالت سلطات حماس في غزة، إن أكثر من 300 ألف شخص عبروا إلى مدينة غزة وإلى شمال القطاع.

واضطر الكثير من الفلسطينيين إلى النزوح مرات عدة مع تصنيف إسرائيل أماكن في غزة كمناطق إنسانية ثم إخلائها قبل تنفيذ عمليات جوية وبرية هناك.

وأصبح معظم قطاع غزة ركاما الآن. وقال المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حركة حماس في غزة إن العائدين إلى الشمال يحتاجون إلى ما لا يقل عن 135 ألف خيمة ومأوى وهم يحاولون إعادة بناء حياتهم عند أطلال منازلهم.

أمل ورعب

بموجب بنود اتفاق وقف إطلاق النار كان من المقرر أن يعود سكان شمال قطاع غزة للمنطقة في مطلع الأسبوع، لكن إسرائيل قالت إن حماس انتهكت الاتفاق بعدم إطلاق سراح المحتجزة المدنية يهود، وأبقت إسرائيل قواتها في ممر نتساريم الذي يمر عبر القطاع جنوبي مدينة غزة.

وفي ساعة متأخرة من مساء الأحد، قال وسطاء قطريون إن حماس وافقت على إطلاق سراح يهود والمجندة آجام بيرجر ومحتجزة ثالثة الخميس، أي قبل يومين من الموعد المقرر للإفراج عن ثلاث محتجزين آخرين السبت المقبل، فوافقت إسرائيل على عودة السكان إلى شمال غزة اعتبارا من صباح الاثنين.

ونشر الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تسجيلا مصورا تظهر فيه المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود، في تأكيد على أنها على قيد الحياة.

وسلمت حماس أيضا قائمة بأسماء جميع المحتجزين المقرر إطلاق سراحهم خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار والتي تمتد 6 أسابيع، موضحة حالتهم.

وقال قيادي بحماس لرويترز الاثنين، إن الحركة سلمت الوسطاء قائمة بأسماء 25 محتجزا على قيد الحياة من بين 33 من المقرر الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وتضم هذه القائمة المحتجزات السبع اللائي أطلق سراحهن بالفعل منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني.

وقال متحدث باسم حكومة الاحتلال الإسرائيلية، إن المحتجزين الخمسة والعشرين الذين قدمت حماس قائمة بأسمائهم ما زالوا أحياء، لكن الثمانية الآخرين قتلوا.

ولم تتأكد بعد هوية القتلى ولا من بقوا على قيد الحياة، مما أبقى عائلات المحتجزين في حالة من الأمل والرعب.

وقالت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في وقت سابق، إن هناك مخاوف كبيرة على حياة المحتجزة شيري بيباس وولديها اللذين كان عمراهما أربعة وعشرة أعوام.

وقالت عوفري بيباس شقيقة زوج المحتجزة، إن الأسابيع القليلة الماضية كانت مؤلمة بالنسبة للعائلة. كما أن زوج شيري، ياردين بيباس، محتجز في غزة ولكن احتجز بشكل منفصل عن عائلته.

وقالت عوفري لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) "ننتظر وسط بحر من الشائعات. ليس لدينا أي شيء مؤكد وما زلنا متمسكين بالأمل، على أمل رؤيتهم هنا، مع ياردين".

رويترز